كيف تتكون المجرات: نظرياتها وأشكالها وتطورها

تنطوي أفضل نظرياتنا الحالية عن كيفية تكون المجرات على مفاهيم الجاذبية والمادة المظلمة واندماج المجرات.

كيف تتكون المجرات
تظهر صورة تلسكوب هابل المجرتين NGC4038 و 4039 أثناء اندماجهما. حقوق الصورة: NASA, ESA, and the Hubble Heritage Team (STScI/AURA)-ESA/Hubble Collaboration. Acknowledgement: B. Whitmore ( Space Telescope Science Institute) and James Long (ESA/Hubble).)

يضم الكون مليارات المجرات ومجرتنا درب التبانة واحدة منها فقط. وغالباً ما كان ينظر إليها على أنها تكتلات من النجوم، وهذا ما تبدو عليه في الصور. غير أن المجرات تحوي أنواعاً أخرى من المادة بالطبع كالغاز والغبار والمادة المظلمة.

يعرف العلماء أن المجرات بدأت بالتكون بعد الانفجار العظيم بفترة قصيرة. ولكنهم لا يعرفون معرفة تامة الآلية التي انتهت بالمجرات لتكون على شكلها الحالي اليوم. وسنذكر بعض النظريات الواعدة عن كيفية تكون المجرات، وكيفية اندماجها وسببه، بالإضافة إلى أشكال المجرات المختلفة التي جرى رصدها.

نظريات تشكل المجرات

مع تمدد الكون حجماً عقب الانفجار العظيم، تباعدت المادة شيئاً فشيئاً وتفرقت. وفي ذات الوقت كان هناك تأثير منافس وهو قوة الجاذبية التي كانت تسحب هذه المادة المنتشرة عموماً إلى تكتلات أعلى كثافة. وكانت بعض هذه التكتلات سريعة الزوال وتبددت في نهاية الأمر. ولكن كتلاً أخرى كانت جاذبيتها قوية بما يكفي لجذب المزيد من المادة وتمكينها من النمو.

ومع زيادة كتل هذه التجمعات زادت جاذبيتها أيضاً، ما كان يسبب انضغاطها نحو الداخل ليصبح حجمها أصغر وكثافتها أعلى. وبهذه الطريقة تمكنت أولى المجرات البدئية من التكون خلال مئات آلاف السنوات الأولى من عمر الكون.

وما ذكر إلى هنا يتفق عليه العلماء. أما الأقل وضوحاً فهو كيف آلت المجرات البدئية إلى المجرات الناضجة التي نراها اليوم. وهناك في نظريتان أساسيتان في هذا الشأن، أحدهما تسمى «من الأكبر للأصغر أو النهج التنازلي» والأخرى «من الأصغر للأعلى أو النهج التصاعدي».
تعود النظرية التنازلية إلى عام 1962، وتقول بأن أولى الكتل المتصادمة أخذت شكل سحب غازية ضخمة تقارن كتلتها الإجمالية بكتلة مجرات اليوم.

ومع انخماص الغاز وزيادة كثافته، تشكلت بعض النجوم في وقت مبكر جداً، قبل أن يستقر الغاز بصورة قرص دوار. وتشكل هذه النجوم البدئية المكون الإهليجي أو المنتفخ في المجرة. بينما تشكلت النجوم اللاحقة داخل مكون القرص الأقل كثافة.

أما النظرية الأخرى «من الأصغر للأكبر» أو التي تعرف باسم «نموذج التجمع الهرمي». فهي أحدث وتعد عموماً أكثر اتساقاً مع دلائل الرصد الحالية. وذلك لأنها تدخل عاملين أساسين لم يدخلهما النماذج السابق وهما: المادة المظلمة واندماج المجرات.

نعلم بأن المادة المظلمة يجب أن توجد في المجرات بسبب تأثيرها على سرعات دورانها. ويبدو أنها على الأرجح أدت دوراً أساسياً في تكون المجرات في الأصل. ولكن هذه النظرية -على خلاف الأولى- لا ترى بأن المجرات البدئية الأولى من الضروري أنها كانت بحجم مجرات اليوم. بل ترى بأنها كانت أصغر بكثير. وأنها كبرت إلى حجومها الحالية لاحقاً عن طريق عمليات الاندماج المجرية.

تطور المجرات

يعرف العلماء على وجه اليقين بأن الاندماج أدى دوراً ما في تكوين أشكال المجرات التي نراها اليوم. وأحد الأسباب التي دعتهم لذلك هي صور تلسكوب هابل التي أظهرت عدداً كبيراً من عمليات اندماج المجرات التي مازالت تحدث حتى اليوم.

ويأتي في مقدمة ذلك أن أكثر المجرات بعداً -التي ترى كما كانت قبل مليارات السنين بسبب السرعة المحدودة للضوء- تبدو أصغر بصورة واضحة وذات بنية أقل نظاماً من المجرات الأقرب. وهذا دليل واضح كما يبدو على أن المجرات لا بد أنها تطورت في الفترة التي تفصل بين نشوئها واليوم.

أنواع المجرات المختلفة

الإهليجية أو البيضاوية

ثلث المجرات تقريباً تملك القليل من الغاز أو الغبار ولا تملك مناطق ينشط فيها تكون النجوم. وأكبرها، أي المجرات الإهليجية العملاقة، يمكن أن يصل امتدادها إلى 300 الف سنة ضوئية. أما المجرات الإهليجسة القزمة يبلغ عرضها عدة آلاف من السنين الضوئية فحسب.

الحلزونية

وهذه أبرز أنواع المجرات، وتتكون من قرص رقيق من الغاز والغبار والنجوم التي تعطي مظهراً حلزونياً جميلاً. ومعظم المجرات الحلزونية لديها انتفاخ صغير في وسطها يشبه المجرة الإهليجية أو البيضاوية، وأحياناً يشبه الخط المتوسط.

درب التبانة، كيف تتكون المجرات
تصور فني لمجرة درب التبانة. حقوق الصورة: Nick Risinger

غير المنتظمة أو الشاذة

وهذا النوع يأتي تحت بند كل شيء آخر غير ما سبق. فلا يكون لها شكل بيضاوي منتظم، ولا شكل حلزوني متناظر. وتكثر المجرات الشاذة على مسافات أبعد. بمعنى آخر تكثر في وقت أبكر من عمر الكون. ويرجح أنها في ذلك الوقت ستندمج بعدها في مجرات بيضاوية أو حلزونية.

ملخص المقال

يضم الكون مليارات المجرات، وقد نتساءل كيف تتكون المجرات. هناك نظريات كثيرة في ذلك وأحدثها يضم مفاهيم الجاذبية والمادة المظلمة والاندماج.

أما كيف آلت إلى أشكالها الحالية فهناك نظريتان أساسيتان: «من الأكبر للأصغر أو النهج التنازلي» والأخرى «من الأصغر للأعلى أو النهج التصاعدي».

وللمجرات أنواع رئيسية وهي: الإهليجية أو البيضاوية، الحلزونية، الشاذة أو غير المنتظمة.

المصدر

هنا