البقعة الحمراء العظيمة على المشتري تنضغط دون معرفة السبب
رصد تلسكوب هابل تذبذباً في عرض البقعة الحمراء العظيمة على المشتري أثناء التفافها حول الكوكب. فهل يتعلق هذا بانكماش عام؟
رصد التذبذات
رصد هابل هذه التذبذب في البقعة الحمراء، وكانت كما لو أنها تتعرض للضغط نحو الداخل ونحو الخارج، كل ٩٠ يوماً تقريباً. هذه البقعة هي إعصار بالطبع. وسلوك هذا الإعصار المضاد العملاق، الذي يتقلص على مدى عقود ويبلغ قياسه عرضاً في الوقت الحالي ١٤٧٥٠ كم، يعد اليوم لغزاً.
فهو مع انضغاطه نحو الداخل والخارج، يتحرك أسرع وأبطأ. وهذا كان مفاجئاً. ولا توجد تفسيرات هيدروديناميكية حالية لذلك السلوك.
وقد راقب فريق تقوده آمي سيمون من مركز غودارد التابع لناسا باستخدام تلسكوب هابل البقعة الحمراء العظيمة لمدة ٨٨.٥ يوماً. وأظهرت الصور الملتقطة أثناءها أن البقعة تتوسع وتتقلص دورياً، على محاذاة نصف المحور الأكبر (القسم الأكبر من الإهليج).
ومن المعروف بأن الحركة تختلف قليلاً على خطوط الطول، ولكن لم يكن متوقعاً تذبذب حجمها أيضاً.
وتقع البقعة الحمراء على بعد ٢٢ درجة جنوب خط استواء المشتري. وتتوضع على حد الحزام الاستوائي الجنوبي للغلاف الجوي للمشتري. وتتعرض البقعة الحمراء لتيارات نفاثة قوية، تدور حول المشتري العملاق بسرعة ٤٢٨ كم في الساعة، من الأعلى ومن الأسفل. وبالطبع تمنع هذه التيارات النفاثة هذه الدوامة الهائلة من التجول في خطوط العرض الأخرى، مع أنها تنجرف نحو الغرب بالنسبة لبقية الغلاف الجوي.
وهذا الانجراف ليس ثابتاً، وتبين بقياسه أنه يتسارع ويتباطأ متذبذباً على مدى ٩٠ يوماً تقريياً.
ومع تسارع البقعة الحمراء العظيمة وتباطئها، تدفع في عكس جهة التيارات النفاثة العاصفة في شمالها وجنوبها.
الانضغاط والتذبذب
ومن الظاهر أن انضغاط البقعة الحمراء العظيمة الذي رصده هابل، يرتبط بهذا التذبذب الذي يمتد ٩٠ يوماً متجهاً نحو الغرب. والأمر يشبه السندويشة التي تنتفخ فيها شرائح الخبز إجبارياً لوجود حشوة كثيرة في الوسط.
ويبدو أن درجة الانضغاط ترتبط عكسياً بالسرعة التي تنجرف بها البقعة. فخلال الفترات التي يتباطأ فيها انجراف البقعة الحمراء، يكون عرض هذه الدوامة وحجم لبها بأعلى قيمة. ويزداد سطوع لبها بالأشعة فوق البنفسجية عندما تكون بأكبر حجم. الأمر الدال على قلة امتصاص الضباب في الغلاف الجوي فوقه. وعندما تزداد سرعة الانجراف، يتقلص عرض البقعة الحمراء العظيمة وحجم قلبها. وربما يرجع هذا إلى تفاعل البقعة الحمراء العظيمة مع الغلاف الجوي المحيط عندما تزاد سرعة انجرافها.
وحتى الآن، لم يرصد هابل سوى فترة تذبذبية واحدة رصداً كاملاً. وتعد دراسات هابل للبقعة الحمراء، مشروعاً منفصلاً يضاف إلى برنامج إرث الغلاف الجوي للكواكب الخارجية الذي تقوده سيمون. وهو البرنامج الذي يستخدم هابل لتصوير الكواكب الأربعة العملاقة في النظام الشمسي الخارجي، وهي المشتري وزحل وأورانوس ونبتون، مرة واحدة على الأقل في السنة.
أيضاً يصور أفضل الفلكيون الهواة المشتري بشكل روتيني صوراً عالية الدقة، وهذه البيانات فيها من الجودة ما يجعل فريق البرنامج يستعين بها. فقد يرى هذا الانضغاط في البقعة الحمراء في صور الهواة هذه، مع أن بعض المشرفين يشككون بقدرة صور الهواة على التقاط هذه التفاصيل. إذ أن عرض البقعة يختلف بمقدار ٠.٣ درجة فقط على خطوط الطول في مدة أسبوعين. ولكننا نعلم اليوم أنهم يستطيعون ضبط صورهم لرصد هذه التفاصيل الدقيقة.
جيمس ويب والتذبذب
ترغب سيمون أيضاً بإلقاء نظرة على البقعة الحمراء عبر تلسكوب جيمس ويب، الذي صور عاصفة المشتري سابقاً بالأشعة تحت الحمراء القريبة، ووجد أمواجاً جوية فوق البقعة الحمراء العظيمة. وتأمل سيمون رؤية ما إذا كانت سرعات الرياح ضمن العاصفة تتغير عبر الزمن مع التذبذبات، وذلك عبر سبر البقعة أعمق باستخدام الأمواج تحت الحمراء المتوسطة.
ويعني التقلص الإجمالي للبقعة الحمراء، مضافاً إليه الانضغاط المتذبذب، أن هذه العاصفة تتعرض لتغيرات مهمة. فمتى ستنتهي؟ نحتاج المزيد من البيانات للإجابة.
ملخص المقال
رصد تلسكوب هابل تذبذباً في عرض البقعة الحمراء العظيمة على المشتري أثناء التفافها حول الكوكب. كما لو أنها تتعرض للضغط نحو الداخل ونحو الخارج، كل ٩٠ يوماً تقريباً.
ومع انضغاطها نحو الداخل والخارج، تتحرك أسرع وأبطأ، ويبدو أن درجة الانضغاط ترتبط عكسياً بالسرعة التي تنجرف بها البقعة الحمراء العظيمة. ومن الواضح أن هذه العاصفة تتعرض لتغيرات مهمة. ولنعرف متى سينتهي الأمر نحتاج المزيد من البيانات للإجابة.