أبعد المركبات الفضائية في النظام الشمسي: أين هي؟

يطلق البشر ما يصنعونه إلى الفضاء منذ ٥٠ عاماً تقريباً، منذ إطلاق بايونيير ١٠ عام ١٩٧٢ . ولدينا الآن ٥ مركبات فضائية إما وصلت إلى حدود النظام الشمسي أو تقترب بسرعة منه، وهي: بايونير ١٠، بايونير ١١، فوياجر ١، فوياجر ٢، نيوهورايزنز.

ومعظم هذه المركبات تجاوزت مدة عملها المتوقعة وما تزال نشطة إلى الآن، وذلك بعد سنوات طويلة من خطط مهماتها المقررة. وقد كان مقرراً لهذه المركبات أن تستكشف الكواكب المجاورة لنا، ولكنها الآن تشق طريقها إلى خارج النظام الشمسي. مقدمة لعلماء الفضاء نقاط مراقبة مميزة، وقد حققت الكثير العام الفائت.

فوياجر ١ و ٢

احتفلت مهمة فوياجر بذكرى مميزة العام الفائت وهي مرور ٤٥ عاماً من العمل. بدءاً من التحليق القريب عند بعض الكواكب الخارجية مستكشفة أبعد ما وصل إليه الإنسان في الفضاء. وقد أسهمتا فوياجر ١ و٢ بدرجة كبيرة في فهم العلماء للنظام الشمسي.

ومهمة فوياجر ١ و٢ اليوم الوحيدة استكشاف مكان انتهاء تأثير الشمس، وأين يبدأ تأثير النجوم الأخرى. وقد عبرت الآن فوياجر ١ حافة الغلاف الشمسي. وهي الحدود التي تتوقف تيارات الجسيمات الشمسية عن كونها ذات التأثير الأكبر. وكان ذلك عام ٢٠١٢، وتبعتها فوياجر ٢ عام ٢٠١٨.

مشكلات متوقعة

تقول ليندا سبيلكر، وهي عالمة في مهمة فوياجر من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا: ما تزال فوياجر ١ في الفضاء بين النجمي منذ عقد حتى الآن ماضية بقوة. وقد عانت العام الفائت من مشكلة إذ أرسلت معلومات مشوشة عن مكانها. وكان ذلك بسبب شريحة حاسوبية معينة. إلا أن العلماء أوجدوا المشكلة وأصلحوها فعادت طبيعية.

ومن المتوقع حدوث هذه المشكلات مع مركبات تتقدم بالعمر. كم أن الفريق يعمل بنشاط على إدارة تزويد الطاقة على متن هذه المركبات. إذ أن هذه الطاقة تتضاءل مع كل عام يمضي مع انخفاض فعالية مولدات الطاقة النووية فيها مع التقدم بالعمر. وقد أطفأ الفريق أجهزة التسخين العام الفائت، وأبقى على بعض المعدات العلمية فقط دافئة في بيئة الفضاء القاسية والمتجمدة. والمدهش للجميع أنها جميعها تعمل بصورة مثالية.

وربما قد انطفأت الكاميرات منذ عقود إلا أن أدواتها العلمية الأخرى ما زالت تجمع البيانات عن البلازما والحقول المغناطيسية الشمسية في مناطق شاسعة البعد عن الشمس.

ولأن جسيمات الرياح الشمسية تستغرق زمناً طويلاً لقطع مثل هذه المسافة الطويلة، تسمح عمليات الرصد البعيدة للعلماء بمراقبة انتقال التغيرات القادمة من الشمس عبر جوارنا الكوني.

وأطراف النظام الشمسي مليئة بالمفاجآت أيضاً. فمن المنطقي مثلاً أن تكون البلازما الشمسية متفرقة ومتباعدة كلما ابتعدنا عن مركز النظام الشمسي. ولكن فوياجر قد صادفت في الواقع بلازما أكثر كثافة بعد اجتياز حدود الغلاف الشمسي. وما يزال العلماء في حيرة من ذلك. ومن المثير رؤية تأثيرات الشمس على ذلك البعد بالطبع. ويأمل العلماء أن تستمر فوياجر بالعمل ٥ سنوات أخرى.

بايونير ١٠ و١١

تحتل مركبة بايونير مكانة مميزة في تاريخ الفضاء لأنها كما اسمها رائدة. وللأسف لم تعد عاملة، إذ فقد الاتصال ببايونير ١ عام ٢٠٠٣، وفقد الاتصال ببايونير ٢ منذ عام ١٩٩٥.
ولكنهما علامتان مميزتان في تاريخ البشرية، وما زالتا تشقان طريقهما في الفضاء رغم أننا لا نرسل لهما الأوامر. فوفقاً لقوانين الفيزياء، إذا وضعت مركبة في مسار ما في الفضاء، لن تتوقف إلا إذا غير شيء طريقها.

نيوهورايزنز

تعد نيوهورايزنز الشقيقة الأصغر للمهمات الرائدة السابقة، إذ أطلقت عام ٢٠٠٦. وبعد أن انتهت من تحليقها المنخفض قرب بلوتو عام ٢٠١٥ انطلقت خارج النظام الشمسي بسرعة قياسية، وستصل حدود الغلاف الشمسي عام ٢٠٤٠.

ولم تنه مهمتها الأولية فحسب، بل وحلقت بنجاح تحليقاً منخفضاً قرب أصغر أجسام حزام كايبر «أروكوث» عام ٢٠١٩. وكان ذلك أول تمديد للمهمة. ووضعت العام الفائت في وضع السبات حتى مهمتها القادمة.

وبتقنياها الحديثة التي لم تكن موجودة في السبعينيات، وبكونها مرصد يعد محطة توليد كهربائية في الفضاء، ستقدم لنا نقطة رصد لا يمكن أن نحصل عليها هنا على الأرض.

وينتظر بعض علماء نيوهورايزنز عمليات رصد جديدة لأجسام حزام كايبر، وهي قطع الجليد والصخور التي تقع بعد نبتون. ويوفر موقع نيوهورايزنز في الجهة الخارجية من النظام الشمسي زوايا رؤية جديدة لأجسام حزام كايبر.

ويمكن أن تعطينا هذه الزوايا الجديدة فكرة عن مدى خشونة سطوح هذه الأجسام وغير ذلك، بناءً على كيفية تشتت الضوء عليها وظلال الفوهات الصدمية.

أهداف أخرى لنيوهورايزنز

كما يريد علماء آخرون من علمائها إلقاء نظرة على العملاقين الجليديين أورانوس ونبتون. إذ أن موقع المركبة المميز يمكن أن يزود العلماء بمعلومات عن كيفية تشتت الضوء عبر غلافهما الجويان. وهي معلومات لا يمكننا أن نحصل عليها من الأرض، إذ لا يمكننا رؤيتهما من تلك الزاوية. وهذا مهم مع تخطيط ناسا لمهمة جديدة إلى أورانوس.

كما أن المركبة ستعبر ما يسمى منحدر كايبر
حيث يعتقد العلماء وجود أجسام أكبر من حزام كايبر لكنها قليلة.

أما مهمتها الممتدة القادمة فستتجاوز علم الكواكب. إذ أنها ستقدم قياسات أفضل من أي قياسات لخلفية الضوء والأشعة الكونية في الفضاء، بالإضافة إلى تتبع توزعات الغبار عبر النظام الشمسي، والحصول على معلومات هامة عن تأثير الشمس متممة عمل مركبتي فوياجر.

وبما أن المركبات العاملة الثلاثة تتجه في مسارات مختلفة، فهذا سيمكن علماء الفضاء من رسم خريطة لكل الشذوذات في بنية النظام الشمسي.

ولحسن الحظ، تشير الدلائل إلى أن نيوهورايزنز سيكون لديها ما يكفي من الطاقة حتى أربعينيات هذا القرن، وربما بعدها. لتتحرك كل عام ٣٠٠ مليون كم أخرى، في مناطق مجهولة.

ملخص المقال

هناك ٥ مركبات فضائية تعد أبعد المركبات الفضائية في النظام الشمسي. بعضها وصل إلى حدود النظام الشمسي أو أنها تقترب منه بسرعة. وهي: بايونير ١٠، بايونير ١١، فوياجر ١، فوياجر ٢، نيوهورايزنز.

ومعظم هذه المركبات تجاوزت مدة عملها المتوقعة وما تزال نشطة إلى الآن، وذلك بعد سنوات طويلة من خطط مهماتها المقررة. وقد كان مقرراً لهذه المركبات أن تستكشف الكواكب المجاورة لنا، ولكنها الآن تشق طريقها إلى خارج النظام الشمسي. مقدمة لعلماء الفضاء نقاط مراقبة مميزة لا تتوفر من الأرض.

المصدر

هنا