ادعاءات تثير الجدل عن ثقب أوزون جديد فوق المناطق الاستوائية

هل هناك ثقب أوزون جديد فوق المناطق الاستوائية؟ دراسة تقول نعم، بينما يرفض الخبراء هذه النتائج.

الأوزون
حقوق الصورة: CHRISTOPH BURGSTEDT/SCIENCE PHOTO LIBRARY via Getty Images

ادعى أحد العلماء مؤخراً بأنه اكتشف ثقب أوزون هائل في غلاف الأرض الجوي، وبأن هذا الثقب ظهر بدايةً فوق المناطق الاستوائية في الثمانينيات، ولكن جرى تجاهله إلى أيامنا هذه. وبعد نشر هذا العالم لبحثه تلقى نقداً مباشراً من الخبراء، ووصفوا بحثه بأنه خطأ تماماً.
يقول البروفسور مارتن شيبرفيلد من المملكة المتحدة في هذا الخصوص بأنه تفاجأ بأن هذه الدراسة نشرت أصلاً بشكلها هذا. فالادعاء بهذه التغيرات الهائلة في طبقة الأوزون فوق المناطق الاستوائية لم تشر إليها أي دراسة أخرى. وهذا ما يجعل هذه الدراسة موضع شك. بالإضافة إلى أن العلم لا يقوم على دراسة واحدة، بل يحتاج التمحيص والتحقق حتى يعتبر حقيقة.

من هو صاحب الدراسة وماذا يقول؟

كينغ بين لو، البروفيسور في قسم الفيزياء والفلك في جامعة واترلو في أونتاريو، هو مؤلف الدراسة. ويقول بأنه يخالف رأي شيبرفيلد وغيره من النقاد، ففي رأيه انتقاداتهم ليس لها أساس، ولن تصمد أمام مراجعة الدراسات السابقة.

أين نشرت الدراسة؟

نشرت الدراسة في مجلة «إيه آي بي أدفانسيز» التابعة للمعهد الأمريكي للفيزياء. وذلك بعد أن خضعت لمراجعة أقران. وقد قرر المحررون بأن هذا العمل ذو أهمية تستحق النشر، وبأنه يستحق أن يكون من المقالات المختارة في موقع المجلة.
يقول نائب رئيس التحرير في المجلة أنه، وعلى حد علمهم، لم يتلقوا أية اتصالات من خارج المجتمع العلمي تشكك في صحةالدراسة. وتابع قوله بأنه يشجع القراء والباحثين على الاتصال بمؤلف الدراسة أو المجلة لمناقشة أي خلل علمي، أو طلب أي توضيح أو إجابة من المؤلف. وبناءً على ذلك، ستعمل المجلة مع المؤلف على التحقق من صحة أي ادعاء حول الدراسة والتصحيح إن لزم الأمر.

ثقب الأوزون
ثقب الأوزون. حقوق الصورة: NASA

الأوزون والتعريف التقليدي لثقب الأوزون

بدايةً، الأوزون غاز يتألف من ثلاث ذرات مرتبطة من الأوكسجين، ويشكل الأوزون الطبقة العليا من الغلاف الجوي. ويقع معظم الأوزون في طبقة الستراتوسفير، وهي طبقة من الغلاف الجوي على ارتفاع ١٠ إلى ٥٠ كم فوق سطح الأرض. وهذا الغاز يعمل عمل درع يحجب الأشعة الشمسية فوق البنفسجية الضارة، ويمنعها من الوصول إلى سطح الأرض.
وجد العلماء في الثمانينيات أن هناك ملوثات جوية ذات عمر طويل، تسمى كلورفلوروكربونات. وهذه الملوثات تتفكك عند تعرضها للأشعة فوق البنفسجية خارج طبقة الأوزون إلى كلور وبرومين. وتفكك هذه العناصر التفاعلية بدورها جزيئات الأوزون، الأمر الذي يجعل طبقة الأوزون رقيقة في بعض الأماكن، وبذلك تتشكل ثقوب، خصوصاً فوق القطب الجنوبي.
مما سبق نتج التعريف التقليدي لثقب الأوزون، ألا وهو منطقة ينخفض فيها تركيز الأوزون إلى ما دون ٢٢٠ وحدة دوبسون. وقد أدى اكتشاف ثقوب الأوزون إلى بروتوكول مونتريال عام ١٩٨٧. وذلك بهدف حماية الأوزون من خلال اتخاذ الخطوات اللازمة لإزالة الانبعاثات العالمية للمواد المستنفدة للأوزون.
وفي الدراسة الجديدة، يحذر «لو» بأنه وجد ثقب أوزون جديد. ووصفه بأن هائل ودائم في كل الفصول. يقع هذا الثقب في أسفل طبقة الستراتوسفير فوق المناطق الاستوائية. وهو مشابه من حيث العمق للثقوب الموسمية التي تنفتح فوق القطب الجنوبي في أواخر الشتاء وبداية الربيع، ولكنه يغطي مساحة أكبر بسبع أضعاف من تلك الثقوب، وفقاً للدراسة.

هل يوجد تعريف جديد لثقب الأوزون؟

نعم وفق هذه الدراسة. فخلافاً للتعريف التقليدي لثقب الأوزون، عرّفه «لو» في دراسته بأنه: «مساحة يكون تآكل الأوزون فيها أكثر من ٢٥٪ مقارنة بالغلاف الجوي السليم». ووفقاً للدراسة فإن ثقوب الأوزون التي رصدت فوق القطب الشمالي، تميزت بانخفاض يبلغ ٢٥٪ تقريباً في الأوزون، وهذا ما يسوغ التعريف الجديد.
وتقول الدراسة: من المهم أن نذكر أنه لا يمكن رصد ثقب أوزون فوق المناطق الاستوائية وفقاً للتعريف التقليدي، وذلك لأن مستويات الأوزون فوقها أعلى من ٢٢٠ وحدة دوبسون.

خطر هذا الثقب الهائل والدائم طوال العام في طبقة الأوزون وفقاً للدراسة

قد يشكل ثقب الأوزون الكبير هذا والمستمر طوال العام خطراً على الكوكب. لأنه يؤدي إلى زيادة الأشعة فوق البنفسجية الواصلة، ويؤثر على ٥٠٪ من سطح الأرض!
ويقول مؤلف الدراسة أن التعرض لهذه الأشعة بمستويات عالية يزيد معدل الإصابة بسرطانات الجلد، وإعتام عدسة العين، وإضعاف جهاز المناعة، وأيضاً يضعف خصوبة الأرض، ويؤثر سلبياً على الأحياء والأنظمة البيئية المائية.

خطر ثقب الأوزون
دخول الأشعة فوق البنفسحية عبر ثقب الأوزون. حقوق الصورة: https://byjus.com

الانتقادات التي تعرضت لها الدراسة

تعرضت الدراسة لانتقادات بعد نشرها من البروفيسور شيبرفيلد وغيره من الخبراء.
يقول بول يونغ، وهو عالم في الغلاف الجوي من جامعة لانسستر في إنكلترا، ومؤلف مشارك في تقرير «التقييم العلمي لاستنفاد طبقة الأوزون لعام ٢٠٢٢» المقدم للأمم المتحدة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «لا وجود لثقوب أوزون استوائية!».
ويكمل: اعتمد المؤلف في تعريفه على تغير النسبة المؤية للأوزون، بدلاً من التغيرات المطلقة. مع العلم أن التغيرات المطلقة أكثر ارتباطاً بالأشعة فوق البنفسجية التي تصل الأرض. ومن المثير للدهشة أن الدراسة لا تعتمد على الدراسات العلمية الغزيرة التي تبحث وتوثق نزعات الأوزون في كل مناطق الغلاف الجوي!
وتقول مارتا أبالوس ألفاريز، الباحثة في قسم الأرض والفيزياء والفيزياء الفلكية في جامعة كمبلوتنسي في مدريد: «من العوامل الأساسية التي تؤثر على تراكيز الأوزون فوق المناطق الاستوائية في طبقة الستراتوسفير هو دورة بريوير-دوبسون، وهي دورة هوائية عالمية تدفع الأوزون من المناطق الاستوائية نحو القطبين». وتكمل قولها: «هذه الدورة تسارعت في السنوات الأخيرة بسبب التغير المناخي، وهذا التسارع يفسر نماذج تآكل الأوزون طويلة الأمد التي ترصد في المناطق الاستوائية». وتعلق على الدراسة: «أرى أن هذه الدراسة تفتقد الدقة العلمية اللازمة لجعلها مساهمة موثوقة. وفيها الكثير من الاستنتاجات الخطأ والادعاءات غير المثبتة، وتناقض نتائج سابقة مثبتة».

ملخص المقال

ادعى أحد العلماء مؤخراً بأنه اكتشف ثقب أوزون هائل في غلاف الأرض الجوي، يقع فوق المناطق الاستوائية أسفل طبقة الستراتوسفير. وهو دائم وليس موسمي، ويغطي مساحة أكبر بسبع مرات من الثقوب الموسمية في طبقة الأوزون. وقال أن هذا الثقب يهدد ٥٠٪ من سطح الأرض وأحيائها. كما تقدم هذه الدراسة تعريفاً جديداً لثقب الأوزون بأنه: مساحة يكون فقدان الأوزون فيها أكثر من ٢٥٪ مقارنة بالغلاف الجوي السليم. وتعرضت هذه الدراسة لانتقادات من علماء وخبراء كثر. نفت هذه الانتقادات دقتها العلمية وأظهرت عدم اعتمادها على الدراسات المثبتة السابقة، مما وضعها موضع شك.