كيف تبدو حدود النظام الشمسي؟

إنها أغرب مما قد تخيلته قط!

من المعروف أن الأرض هي سادس كوكب من حيث بعدها عن حدود النظام الشمسي النهائية. وهذا يعني أننا لسنا قريبين جداً إلى تلك الحدود الموحشة والباردة.

ولكننا أرسلنا بالطبع مع مرور الزمن الكثير من المركبات الفضائية، فهل لدينا أي تصور كيف تبدو حدود النظام الشمسي؟

ما نعرفه عن حدود النظام الشمسي

الإجابة على سؤالنا إن كنا نعرف هي نعم، ولكن العمل ما زال جارياً. ومن بين آخر التحديثات خريطة ثلاثية الأبعاد لحدود النظام الشمسي استغرقت ١٣ عاماً لإنشائها. وقد كشفت هذه الخريطة المزيد من الأسرار عن هذه الحدود الغامضة المسماة بالغلاف الشمسي الخارجي.

يحدد الغلاف الشمسي الخارجي المنطقة من الفضاء التي تنعطف عندها الرياح الشمسية أو تيارات الجسيمات المشحونة التي تصدر عن الشمس وتلتف رجوعاً، وذلك بفعل الإشعاع بين النجمي الذي يتخلل الفضاء الخالي المحيط بالنظام الشمسي. وذلك وفقاً للباحث دان ريسنفيلد رئيس الفريق الذي أنشأ الخريطة ثلاثية الأبعاد.

ويعني هذا أن الرياح الشمسية تلتقي بالجسيمات بين النجمية وتشكلان حدوداً في أقاصي النظام الشمسي.

بداية معرفتنا عن حدود النظام الشمسي

عرفنا لمحات عن حدود النظام الشمسي الخارجية لأول مرة عام ٢٠١٢. وذلك عندما عبرت المركبة فوياجر ١ التابعة لناسا إلى الفضاء بين النجمي، وقد أطلقت عام ١٩٧٧.
ولم تكن المركبة فوياجر ٢ بعيدة عنها، فقد عبرت أيضاً عام ٢٠١٨ إلى الفضاء بين النجمي خارج المجموعة الشمسية.

وقد أرسلت المركبتان المزودتان بالمعدات العلمية عن انخفاض مفاجئ بالجسيمات الشمسية، وزيادة كبيرة بالإشعاع المجرّي عندما غادرتا النظام الشمسي.

الغلاف الشمسي

تكشف الخريطة ثلاثية الأبعاد المزيد عن الغلاف الشمسي الخارجي. إذ أن الطبقة الداخلية حيث توجد الشمس والكواكب ذات شكل كروي تقريباً. ويعتقد أنها تمتد ٩٠ وحدة فلكية بكل الاتجاهات.
والوحدة الفلكية هي متوسط المسافة بين الأرض والشمس، وتبلغ ١٥٠ مليون كيلومتراً مربعاً.

والطبقة الخارجية ليست متناظرة. فهي تمتد في الاتجاه الذي تتحرك فيه الشمس في الفضاء أمامها مواجهة الأشعة الكونية بحدود ١١٠ وحدة فلكية، ولكن الامتداد في الاتجاه المعاكس أطول حيث يبلغ بحدود ٣٥٠ وحدة فلكية.

ما سبب عدم التناظر في الغلاف الخارجي؟

يأتي عدم التناظر من حركة الشمس في مجرة درب التبانة. حيث أنها تتعرض للاحتكاك مع الإشعاعات المجريةأمامها، وتنظف الفضاء في أعقابها.

هناك الكثير من البلازما (الجسيمات المشحونة) في الوسط بين النجمي. والغلاف الشمسي الداخلي المدور يمثل عقبة لتيار البلازما الذي يعبر فيها.
ولعل اللامر يشبه مرور الماء حول صخرة في مجراه. حيث يندفع الماء مصطدما بالصخرة من الأمام ولكنه يكون هادئاً خلفها.

كيف جمعت البيانات؟

جمعت القياسات للخريطة ثلاثية الأبعاد باستخدام مستكشف الحدود بين النجمية (إيبكس اختصاراً) الذي أطلق عام ٢٠٠٨، ويبلغ حجمه حجم إطار حافلة.

وفي حين أن اسم المستكشف إيبكس يلفظ بالإنجليزية مثل لفظ وعل الجبل الذي يتحدى الجاذبية، إلا أنه لا يشبهه. فالمستكشف يشبه الخفاش من بين الحيوانات.

فالعديد من الخفافيش تصطاد الحشرات عن طريق اصدار نبضات صوتية، وتستخدم تأخر وصول الصدى لمعرفة موقع الفريسة والمسافة التي تفصلها عنها.

وعلى ذات المنوال تحدد إيبكس جسيمات الرياح الشمسية التي ارتدت عن أطراف النظام الشمسي.

الأمر الذي يسمح لريسنفيلد وزملائه بتحديد المسافات عن طريق المدة التي تستغرقها هذه الجسيمات في رحلة الذهاب والعودة.

فالشمس ترسل نبضة، وننتظر إشارة عائدة من الغلاف الشمسي الخارجي دون أي تدخل. من ثم نستخدم الفترة الزمنية التي استغرقتها لتحديد المكان الذي يوجد فيه الغلاف الشمسي الخارجي.

وبينما تدور الشمس حول الطرف الخارجي لمجرة درب التبانة، تقوم الرياح الشمسية بإبقاء الإشعاع الكوني بعيداً، مكونة فقاعة حماية. وهذا بالطبع مفيد لنا، إذ أن الإشعاع يمكنه أن يدمر مركباتنا الفضائية ويحمل أخطاراً صحية لرواد الفضاء.

هل فعالية الغلاف الشمسي الخارجي دائمة؟

وعلى أي حال، قد لا تبقى الحدود بهذه الحال على المدى البعيد. فوفقاً لما أوضحه ريسنفيلد، هناك ترابط بين قوة الرياح الشمسية وعدد البقع على الشمس. والبقعة الشمسية هي بقعة غامقة نسبياً تظهر مؤقتاً على سطح الشمس، وذلك نتيجة اضطراب مغناطيسي شديد داخلها.

ويذكر أن الفترة بين ١٦٤٥ و١٧١٥ الشهيرة لراصدي الشمس، شهدت وجود القليل جداً من البقع الشمسية. وبناءً على ذلك، لربما كان هناك رياح شمسية ضعيفة فحسب.

يقول ريسنفيلد في ذلك: «اختفت البقع الشمشية لمدة قرن تقريباً، وإذا حدث هذا، فشكل الغلاف الشمسي الخارجي ربما قد تغير جذرياً.

ونحن نشهد بالفعل تغيرات في النشاط الشمسي، وفي أي وقت قد تعود وتتكرر تلك الفترة الشهيرة.
وبناء على ما سبق، فإن القلق من فقدان الغلاف الشمسي الخارجي الشمسي لفعاليته في الحماية ليس مجرد مخاوف فحسب

ملخص المقال

من المعروف أننا بعيدون عن حدود النظام الشمسي، ولكن هل لدينا أي تصور كيف تبدو حدود النظام الشمسي؟ نعم، وما زال العمل جارياً.

وآخر التحديثات خريطة ثلاثية الأبعاد. توضح الحدود المسماة الغلاف الشمسي الخارجي.
وهي المنطقة التي ترتد عندها الرياح الشمسية بفعل الإشعاع بين النجمي. وهناك غلاف شمسي داخلي كروي، والخارجي غير متناظر.

أما عن طريقة جمع البيانات للخريطة فهي باستخدام المستكشف إيبكس. وتعتمد على قياس الفاصل الزمني بين إرسال الشمس لجسيماتها وارتدادها. وذلك لتحديد المسافة التي تقع عندها حدود الغلاف الخارجي.
ويذكر أن فعالية الغلاف الشمسي الخارجي ليست أبدية!

المصدر

لايف ساينس