لماذا يبدو الفضاء الخارجي أسود اللون؟

لماذا يبدو الفضاء الخارجي أسود اللون؟
سماء الليل المظلمة. حقوق الصورة: Pascal Fraboul / EyeEm via Getty Images

إذا نظرت إلى سماء الليل بعينيك، أو تصفحت الصور المدهشة للكون على الإنترنت، سترى شيئاً واحداً، ألا وهو السواد العميق والشديد للفضاء. تقطعه أضواء النجوم المشرقة، والكواكب ومركبات الفضاء.

والسؤال: لماذا يبدو الفضاء الخارجي أسود اللون؟ لماذا لا يكون الفضاء ملوناً كسماء النهار على الأرض؟
المدهش أن الإجابة ليست بتلك الصلة بضعف الضوء.

الفضاء الأسود ومفارقة ألبيرس

قد تفكر لوهلة أن وجود مليارات النجوم في مجرتنا، ومليارات المجرات في الكون، ووجود غيرها من الأجسام كالكواكب التي تعكس الضوء، سيجعل السماء مشرقة جداً إذا ما نظرنا إليها في الليل. ولكن ما نراه هو العكس. فهي مظلمة تماماً.

هذا التناقض يعرف في مجال الفيزياء الفلكية بمفارقة ألبيرس. ويمكن تفسيره بنظرية توسع الزمكان.

وهذه الفكرة تقول: لأن كوننا يتوسع أسرع من سرعة الضوء، فالضوء القادم من مجرات بعيدة قد يتمدد أيضاً ويتحول إلى أمواج تحت حمراء، أو أمواج مكروية وراديوية. وهذه الأمواج لا يمكن للعين البشرية رؤيتها. ولأننا لا نراها يبدو الفضاء معتماً للعين المجردة.

وبالفعل تصدر النجوم ضوءاً بكل الألوان، بما فيها الألوان التي لا تراها العين البشرية. على سبيل المثال، الأمواج فوق البنفسجية أو تحت الحمراء. ولو كان بإمكاننا رؤية هذه الأمواج المكروية لرأينا الفضاء متوهجاً، وذلك بفضل الخلفية الكونية المكروية.
وهي الطاقة الضوئية الناتجة عن الانفجار العظيم، والتي بعثرتها البروتونات والإلكترونات التي كانت موجودة في الكون المبكر، وما زالت تملأ الفضاء كله.

 

الفضاء الأسود وغياب المادة في الخلاء

سبب آخر يجعلنا نرى الفضاء بين النجوم وبين الكواكب مظلماً هو أن الفضاء خلاء تام تقريباً.

فعلينا أن لا ننسى أن لون السماء في النهار زرقاء لأن الجزيئات التي يتكون منها الغلاف الجوي، بما فيها النتروجين والأوكسجين، تبعثر الكثير من أطوال الأمواج الزرقاء والبنفسجية من مركبات الضوء المرئي الآتية من الشمس. ويبعثرها في كل الاتجاهات، ومن هذه الاتجاهات نحو العين.

فالضوء في غياب المادة يسير بمسار مستقيم من مصدره إلى المتلقي. ولأن الفضاء خلاء تام تقريباً، أي أنه يحوي جسيمات قليلة جداً. فلا وجود لأي شيء في الفضاء بين النجوم والكواكب ليبعثر الضوء ويصل إلى عيوننا. وعدم وصول الضوء إلى العين يجعلها ترى سواداً.

هل الفضاء مشرق أكثر مما نتوقع؟

تشير دراسة جرت عام ٢٠٢١ إلى أن الفضاء قد لا يكون معتماً بالقدر الذي اعتقده العلماء سابقاً.

فعن طريق مهمة نيو هورايزنز التابعة لناسا إلى بلوتو وحزام كايبر، تمكن العلماء من رؤية الفضاء دون تداخل ضوئي من الشمس أو الأرض. ودرس الفريق بعناية جميع الصور التي التقطها المركبة الفضائية. وعزلوا ضوء النجوم المعروفة ومجرة درب التبانة والمجرات المحتمل وجودها.
بالإضافة إلى أي ضوء يمكن أن يكون قد تسرب نتيجة شذوذات الكميرا. فوجدوا أن الضوء في خلفية الكون أكثر إشراقاً بمرتين مما كان متوقعاً.

والسبب الكامن وراء هذه الزيادة في الضوء، الذي ما يزال مجهولاً، سيكون مركز اهتمام دراسات مستقبلية. وحتى ذلك الوقت، سيبقى لنا الفضاء فاحماً.

ملخص المقال

إذا نظرت إلى سماء الليل أو صور الفضاء ستراه أسوداً. وقد تتساءل لماذا ذلك في وجود مليارات النجوم والكواكب التي تعكس الضوء؟ أي لماذا يبدو الفضاء الخارجي أسود اللون؟
يعرف هذا التناقض في مجال الفيزياء الفلكية بمفارقة ألبيرس. ويمكن تفسيره بنظرية توسع الزمكان. وتمدد أشعة الضوء إلى أمواج لا يمكننا رؤيتها.
وسبب آخر لتفسير ذلك أن الفضاء خلاء تقريباً، لا يحوي من المادة ما يبعثر الضوء ويصل إلى عيوننا.
والمفاجأة أن دراسة عام ٢٠٢١ وجدت أن الفضاء مشرق أعلى بمرتينن مما نتوقع. وهذا سيكون مجال تركيز الدراسات القادمة

المصدر:

هنا