ماذا لو صدم كويكب القمر؟

تكثر الكويكبات في النظام الشمسي، ولدى بعضها مدارات قريبة من الأرض. وهناك بالطبع مساع للدفاع عن الأرض من هذه الاصطدامات المحتملة. لكن ماذا عن القمر؟ فماذا لو صدم كويكب القمر؟ ماذا سيحدث عندها؟

صدم في الماضي وسيصدم مستقبلاً

إن سطح القمر المليء بالفوهات الصدمية يثبت أنه يتلقى ضربات فضائية عنيفة بصورة متكررة. وتتراوح تقديرات عدد الفوهات الصدمية بين مئات وآلاف إلى ملايين. وبعضها بقايا من انفجارات بركانية قديمة، ولكن معظمها نشأ بفعل الاصطدامات.

وقد حدث كثير من هذه الصدمات منذ مليارات السنين. وذلك عندما كان النظام الشمسي أكثر ازدحاماً والاصطدامات أكثر شيوعاً.
ومع أن نشاط الأرض التكتوني وعوامل التعرية قد مسحت معظم الفوهات الصدمية عليها، فإن القمر يظهر تاريخ اصطداماته بالكامل تقريباً. ومن بينها فوهات صدمية كبيرة شكلتها كويكبات ضخمة.

القمر وفوهاته الصدمية، التقطتها مهمة أبولو ١٢. حقوق الصورة: NASA

ومع أن حدوث الفوهات الصدمية الناتجة عن الكويكبات أقل شيوعاّ بكثير، إلا أن الفوهات الصدمية الناتجة عن الأحجار النيزكية (لا يزيد قطرها عن متر واحد) ما زالت تحدث على القمر كل يوم، كما يحدث على الأرض أيضاً.

والفرق أن كوكبنا يحرق معظم هذه الأحجار عند دخولها غلافنا الجوي، بينما لا يملك القمر أي شيء يحرق به هذه الأحجار أو حتى يبطئها. وللعلم، يمكن للحجر الذي يسير بسرعة ٧٢ متر في الثانية أن يحدث فوهة صدمية كبيرة.

ماذا يفعل اصطدام كبير؟

إذا كان كويكب كبير سيصدم القمر، فإنه سيشكل حفرة صدمية كبيرة ستقذف الكثير من المواد من سطحه. وهذا هو مدى الضرر الذي سيحدث.
ولا يوجد أية كويكبات كبيرة بما يكفي لتحطيم القمر أو لإخراحه عن مساره حول الأرض. ولو جمعنا في الحقيقة كتل الكويكبات الموجودة في النظام الشمسي جميعها لكانت أقل من كتلة القمر.

ولعل الأجسام التي قد يسبب اصطدامها بالأرض ضرراً واسعاً، لن تسبب مثله على القمر. والسبب بسيط،  فمع أن القمر لا يملك غلافاً جوياً يمكن أن يبطئ من حركة أي جسم يصطدم به، إلا أنه لا يوجد ما يتدمر على سطحه.

أما الدمار على الأرض فلا يقتصر على تشويه الصخور من تحتنا، بل يتعلق تأثيرها بالبنى والأنظمة البيئية وحياة الأفراد. بينما الشيء الوحيد الذي يتأثر بالاصطدام على القمر هو صخور سطح القمر.

مع أنه من المحتمل أن يدمر اصطدام ما مواقع هبوط أبولو ذات الأهمية التاريخية، ولكن فرص حدوث ذلك ضئيلة جداً.
فمساحة سطح القمر تعادل ٣٨ مليون كم مربع تقريباً. وحتى فيما يتصل بالأحجار النيزكية الأصغر التي تصدم القمر كثيراً، فإن كل كم مربع يصدمه جسم بحجم كرة الطاولة أو أكبر مرة كل ألف سنة أو ماشابه.

ما احتمالية اصطدام كويكب كبير؟

الكويكبات الخطرة المحتملة هي التي يزيد قطرها عن ١٤٠ متراً. ولها مدارات تقربها مسافة ٧.٥ مليون كم من مدار الأرض. والذي يعني بدوره اقترابها من القمر. وحتى آذار ٢٠٢٣ حددت ناسا نحو ٢٣٠٠ كويكب مما يعتبر خطراً محتملاً. وقد حددت مساراتها جميعها، وتبين أنها لا تشكل خطراً على الأرض جميعها -وبالتالي لا تشكل خطراً على القمر- لمدة ١٠٠ عام قادم على الأقل. ولكن بالطبع يرجح أن تتسلل نحونا كويكبات أصغر، ويرجح بذلك أن تصدم الأرض والقمر.

أشعة فوهة تيخو الصدمية: وهي خطوط من المواد المقذوفة من مركز الفوهة. حقوق الصورة: NASA / ESA / D. Ehrenreich.

كيف سيبدو الاصطدام القمري من الأرض؟

من منظورنا على الأرض سيبدو أي اصطدام كبير على القمر مذهلاً وعجيباً. وقد تصور مركباتنا الفضائية الاصطدام وتسجله. وقد يتمكن الراصدون على الأرض من رصد ضوء ساطع. وبعدها سنتمكن من رؤية فوهة صدمية جديدة على القمر. وقد رصدت هذه الأشياء من قبل.

وإذا كانت القوة التي قذفت بها المواد الناتجة عن الاصطدام كافية لإيصالها إلى الأرض، فإننا سنرى على الأرجح ما يشبه زخة الشهب في غلافنا الجوي. وذلك بسبب احتراقها في الغلاف الجوي. مشكلة بذلك مشهداً بديعاً للنظر.
وإذا كانت إحدى هذه الصخور الفضائية كبيرة بما يكفي للوصول إلى سطح الأرض، فلن تكون كبيرة بما يكفي لإحداث ضرر. إنما ستكون أحجاراً فضائية ذات قيمة علمية خاصة.

ما الذي يمكننا فعله لمنع اصطدام الكويكبات بالقمر؟

مع أن الاصطدام بسطح القمر لن يكون ضاراً بالحياة على الأرض، فإن أي كويكب كبير يبدو بأنه متوجه للاصطدام مع القمر، سيعد خطراً محتملاً على الأرض بسبب قربها.

ويعد ما يسمى الدفاع الكوكبي مسعى لإيجاد الكويكبات التي قد تقترب من نظام الأرض والقمر، وتتبعها وتحديد خصائصها وحتى حرف مسارها. وتدعم الجمعية الكوكبية مهام الدفاع الكوكبي الأرضي ومشاريعها وتجمع الأموال لها. وتسهم وكالات الفضاء حول العالم في مساعي الدفاع عن الكوكب.

ويذكر أن مركبة دارت كانت أولى المهمات الفضائية التي اختبرت عملية حرف مسار كويكب عن طريق صدمه. حيث أطلقت عام ٢٠٢١ ووصلت إلى ديدوموس في أيلول ٢٠٢٢. واصطدمت بقمر الكويكب الصغير ديمورفوس في ٢٦ أيلول عمداً.

وأدى الاصطدام إلى تغير الوقت الذي يستغرقه ديمورفوس ليدور حول ديدوموس بمقدار ٣٣ دقيقة، مثبتة أن تقنية حرف مسار الكويكب بالاصطدام ممكنة.

وبتخطيط واستثمار مناسبين، سنعلم مسبقاً إذا كان كويكب ما سيصدم القمر، ويمكننا منعه حتى من الاقتراب من كوكبنا.

ملخص المقال

صدم القمر كثيراً في الماضي، والدليل فوهاته الصدمية. ولكن ماذا لو صدم كويكب القمر؟ وهل سيؤثر على الأرض؟

مازالت الأحجار النيزكية الصغيرة بالطبع تصدم القمر، ولكن الأرض تحرقها في غلافها الجوي.
أما الكويكبات الخطرة المحتملة هي التي يزيد قطرها عن ١٤٠ متراً. وقد حددت ناسا ٢٣٠٠ منها وتبين أنها لا تشكل خطراً على الأرض والقمر خلال ١٠٠ سنة قادمة على الأقل.

وبالطبع أي كويكب يصدم القمر سيشكل خطراً على الأرض لقربها. ولكن هناك مساع للحماية منها وحتى حرفها عن مسارها. وآخر المهمات التي استهدفت ذلك مركبة دارت.

المصدر

هنا