مركزية الأرض ومركزية الشمس عبر التاريخ

قد يكون موضوع مركزية الأرض ومركزية الشمس من أكثر المواضيع الجدلية عبر تاريخ العلم، أو لنقل أحد أهم هذه المواضيع.

مركزية الأرض ومركزية الشمس

مركزية الأرض

إن الاكتشافات العلمية الحديثة لها أثرها على فهمنا للعالم من حولنا، ولكن لا يوجد منها ما تأثيره يمكن مقارنته مع ظهور فكرة دوران الأرض حول الشمس وليس العكس، وذلك في أوائل القرن السابع عشر.

وفي أيامنا يبدو هذا الأمر بديهياً، فهو يندرج ضمن المعلومات الأساسية التي نتعلمها ونحن نتعلم أساسيات الحساب، وأن كل شيء يقع نحو الأسفل، وأن البقرة تخور والقطة تموء وغيرها. ومع هذا فإنها ذاتها تبدو أفكاراً غريبة على الإنسان البدائي.

فبالطبع كانوا ثابتين في مكانهم، أما الشمس فتشرق كل صباح في الشرق وتغرب كل مساء في الغرب. ويشرق القمر كل مساء وينزل كل صباح. وكان من الواضح لهم أن الشمس والقمر يدوران حول الأرض.

وسميت هذا الفكرة مركزية الأرض. وبقيت الفكرة سائدة على مدى قرون قبل أن تسيطر فكرة مركزية الشمس بشكل فعلي.

مركزية الأرض ومركزية الشمس
صورة تقارن بين نظام الكون وفقاً لنظريات كوبرنيكوس وديكارت وتيخو براهي. حقوق الصورة: Fototeca Gilardi/Getty Images

البداية

يعد كثيرون عالم الرياضيات اليوناني يودوكسوس، الذي ولد في عام ٤٠٠ قبل الميلاد تقريباً، أنه أول من أعطى نموذجاً لمركزية الأرض في الكون.

وقد دافع علماء فلك ومفكرون معروفون عبر التاريخ عن نموذج مركزية الأرض. ومن بينهم أفلاطون وأرسطو وعالم الفلك اليوناني الروماني بطليموس. لا بل كان قدماء اليونان والرومان وعلماء الفلك المسلمين الكبار بين القرنين الثامن والثالث عشر، كلهم موقنون بفكرة وجود الأرض في مركز الكون، وأن كل شيء في الكون يدور حولها.

أما نموذج مركزية الشمس في النظام الشمسي، أي وقوعها في مركزه، فقد طرحها لأول مرة العالم أرسطخرس من ساموس اليونانية (٣١٠-٢٣٠ قبل الميلاد). لكن أفكاره لم تلق من يقبلها إلا بعد ما يقرب ألفي عام.

مركزية الأرض
صورة فنية لمركزية الأرض. حقوق الصورة: Vernon Lewis Gallery/Stocktrek Images/Getty Images

مركزية الشمس في العصر الحديث

أول عام فلك يؤيد فكرة مركزية الشمس كان نيكولاس كوبرنيكوس. وذلك في كتابه «حول دوران الأجرام السماوية» الذي نشره عام ١٥٤٣. ومع هذا، لم تكن حساباته وتكهناته صحيحة صحة تامة. ويعود ذلك غالباً إلى افتراضه بأن مدارات الكواكب دائرية. في حين أنها بيضاوية أو إهليجية كما نعلم اليوم.

أما المؤثر الهام التالي كان جاليليو جاليلي. إذ كشف بعمليات رصده عبر تلسكوبه الذي اخترعه عام ١٦٠٩ عن أقمار كوكب المشتري.

ولم يثبت هذا أننا لا نعيش في كون مركزه الأرض فحسب، بل أظهر أيضاً أن الأجسام الأصغر حجماً يمكن أن تدور حول أجسام أكبر تتحرك هي ذاتها. وبدا من الواضح حينها أن بعض الأجرام السماوية لا تدور حول كوكبنا.

المشتري وأقماره. حقوق الصورة: Pete Lawrence

قبل اكتشاف جاليليو هذا، كان أي طرح يقول بأن الشمس لا تدور حول الأرض يرد عليه بالطبع بأن القمر يدور حولها بوضوح. ولكن اكتشاف جاليليو هذا بين أن كلا الأمرين صحيحان معاً. إذ تدور الأرض حول الشمس بينما يدور القمر حول الأرض بالطبع.

وفي الفترة ذاتها كان يوهانس كيبلر يدرس حركات الكواكب أيضاً. ونشر قوانينه الثلاثة لحركة الكواكب بين عامي ١٦٠٩ و١٦١٩. وأهم ما ساهم به كيبلر أنه طرح فكرة المدارات الإهليجية. وهكذا اكتمل نموذج النظام الشمسي الذي نراه في يومنا هذا.

ملخص المقال

قد يكون موضوع مركزية الأرض ومركزية الشمس من أكثر المواضيع الجدلية عبر تاريخ العلم. بدأت بفكرة وقوع الأرض في مركز الكون. وأول من قال بذلك يودوكسوس اليوناني.

أما أول من طرح فكرة مركزية الشمس فهو العالم أرسطخرس. ليأتي بعده كوبرنيكوس ليؤكد ذلك في كتابه. أما أهم المؤثرين فهو جاليليو جاليلي الذي اكتشف أقمار المشتري. وبعده كيبلر الذي أدخل فكرة المدارات الإهليجية.

المصدر

هنا