هل تؤثر الكواكب على الزلازل حقاً؟

تأثير الكواكب على الزلازل

أثار الباحث الهولندي فرانك هوغربيتس -يقول كثير من العلماء بأنه لا يحمل أي صفة علمية- الجدل عندما قال بأنه تنبأ بزلزال سوريا وتركيا المدمر.

ويزعم بأنه يعتمد على حركة الكواكب لتحديد مكان وزمان وقوة الزلزال. فالزلزال يحدث وفقاً له عندما تصل بعض الكواكب إلى مواقع محددة في المجموعة الشمسية بالنسبة للأرض.

كما يقول أن هناك مقاومة من المجتمع العلمي لما يتعلق بتأثير الكواكب والقمر على الزلازل. وذلك دون وجود بحث علمي ينفي ذلك وفقاً لرأيه.

 

فهل تؤثر الكواكب على الزلازل حقاً؟

فرضية ارتباط الزلازل باصطفاف الكواكب

تأثير اصطفاف الكواكب على الزلازل

تؤيد بعض الدراسات رأي الخبير الهولندي، ومنها دراسة بعنوان «اصطفاف كواكب المجموعة الشمسية يثير حركات المد والزلازل» للبروفيسور في الجيوكيمياء صالح محمد عودة من جامعة بغداد وتقول:

تتحكم المواقع المختلفة للكواكب بالسرعة الدورانية والمدارية للأرض. واصطفاف الأرض مع كوكبين يؤدي إلى إبطاء سرعة الأرض النسبية. ويعمل الجذب الكوكبي محفزاً يثير الزلازل، لأن الزلازل تتناسب عكسياً مع السرعة الدورانية للأرض.

وأي تغير في السرعة الدورانية أو المدارية يثير حركة الصفائح مما ينشط الفوالق ويحث تقدم المياه. وهذا يؤدي لأمواج عالية مفاجئة فتحدث التسونامي. أما المد فيحدث نتيجة مباشرة للجذب القمري.

وتتبع حوادث الزلازل اصطفاف الكواكب بالنسبة للأرض. وإذا وصل موقع الأرض إلى اصطفاف مع كوكب آخر بزاوية ١٨٠ درجة مع الشمس فهذا مؤشر أن زلزالاً سيحدث ويمكن التنبؤ به تقريباً.

وقد تكرر حدوث الزلازل المرصودة في الدراسة والتي تبلغ قوتها أقل من ٦ على مقياس ريختر بأوقات مرتبطة باصطفاف الكواكب. ويدعو البحث إلى الجمع بين السجلات الزلزالية العالمية ومقارنتها مع توضعات الكواكب، مركزين على اصطفاف المؤثرين المريخ والمشتري، وغيرها لتحسين التنبؤ بالزلازل مستقبلاً.

انتقادات للفرضية السابقة

لا يوجد أي إثبات علمي بحت يؤكد فرضية تأثير تعامد الكواكب على الزلازل.

وقد وجه موقع CHIP التركي انتقادات لاذعة للباحث الهولندي. وذكر أنه ليس عالم جيولوجيا. وليس لديه أي لقب أكاديمي. وإن الطريقة التي يستخدمها لا علاقة لها بأي من الفروع العلمية! وقد توقع ذات الباحث في السابق الكثير من الزلازل التي لم تحدث.

يضيف الموقع: يطلق هوغربيتس وأمثاله الكثير من التخمينات الخطأ دون أن ينتبه إليها أحد. ولكن إذا بدى توقع بأنه صحيح، فينتشر بسرعة كبيرة.

كما انتقدته عدة شخصيات، إذ قال المختص الأميركي في علم المناخ بريانير يتشنايدر: السيد هوغربيتس يتنبأ باستمرار بالزلزال بناء على الكواكب أولاً والطقس ثانيا. وبالطبع كلاهما هراء. فإذا كنت تتوقع وقوع زلزال كبير كل يوم فستكون على صواب عاجلاً أم آجلاً وسيعتقد الناس أنك عبقري.

رأي العلم بتأثير الكواكب على الزلازل

يرى بروفسور فيزياء الجسيمات التطبيقية دايفيد بيلي أن الكواكب لا تؤثر على النشاط الزلزالي على الأرض، ولكن الشمس والقمر يؤثران.

فالزلازل تحدث نتيجة إجهادات في قشرة الأرض. والإجهادات الناتجة عن قوى جاذبية الكواكب والقمر والشمس هي تأثيرات مدية على قشرة الأرض. وتنخفض مع المسافة.
وفقط الشمس بسبب حجمها الكبير والقمر بسبب قربه يحدثان تأثيرات مدية هامة على الأرض.

فالتأثير المدي لكوكب الزهرة الأقرب إلى الأرض مثلاً، أقل بأربع مرات من تأثير الشمس والقمر على الأرض.

وتأثير كوكب المشتري أقل بخمس مرات من تأثير الشمس والقمر. وعلى هذا، إن أي ادعاء بارتباط الكواكب بالزلازل وإمكانية استخدام مواقعها للتنبؤ بالزلازل لا أساس له من الصحة.

ويرى الخبير الفلكي الأردني عماد مجاهد أيضاً أن الكواكب البعيدة لا تؤثر على الأرض، بينما للشمس والقمر تأثير ثقالي على المحيطات والبحار خصوصاً كما هو معروف.

تأثير القمر والشمس على الزلازل

التأثير المدي على الزلازل

للقمر والشمس تأثيرات مدية على الأرض. ولكن نظراً لبعد الشمس الكبير عن الأرض مقارنة ببعد القمر، تبلغ القوة المؤثرة للشمس على الأرض نصف قوة القمر المؤثرة تقريباً.

ولهذا من الممكن أن تؤدي القوى المدية الناتجة عن تأثير الشمس والقمر إلى احتمال حدوث زلزال، لكن التأثير ضئيل، إذ يبلغ أقل من ١٪ وفق أحد الدراسات.

وفيما يخص الزلازل قرب أحواض المحيطات، فيسهم في الزلازل التأثير المدي على الأرض الصلبة والتأثير المدي على الماء.

فوزن الماء المتعرض للمد يمكن أن يحدث بعض الضغوط في قاع المحيط، والتي قد تكون أكبر بأضعاف من التأثير المدي المباشر على الأرض الصلبة.

والضغوط المدية هذه أقل بـ ٣ إلى ٥ أضعاف من الضغوط المتحررة عن الزلازل العادية. لذلك فالقوى المدية يمكن أن تتسبب بحدوث زلزال كان على وشك الحدوث أصلاً.

وتشير إحدى الدراسات إلى أن الضغط المدي المرتفع يمكن أن يؤثر بشكل كبير على توقيت الزلازل الفالقية الضحلة. أو يمكنها أن ترفع احتمال زيادة حجم الزلزال.

هل يمكن التنبؤ بالزلازل؟

يقول رئيس المعهد المغربي للجيوفيزياء ناصر جبور أن طرق توقع الزلازل عمرها ٥٠ عاماً ولا تساعد في تفادي الكوارث، وأبرز هذه الطرق:

  • قياسات تشوه القشرة الأرضية بنظام الجي بي إس.
  • قياس ميلان سطح الأرض وقياس تغير مستوى الماء في الآبار.
  • قياس تغير الحقل المغناطيسي الأرضي.
  • قياس غازات الرادون المنبعثة من الفوالق، والتي تنتج عن تحلل إشعاعي لمعادن محددة.

ومع هذا لا توجد طريقة مؤكدة للتنبؤ بالزلازل. إنما يمكن مراجعة البيانات بعد وقوع الكارثة لملاحظة مؤشرات معينة فحسب. وهذه المراجعة لا تمكن من إعطاء إنذار سابق للزلزال.
والتوقعات مبينية على احتمالات لا يمكن الاستناد إليها وإخلاء أماكن مأهولة.

ومع أنه يوافق أن جاذبية الشمس والقمر يمكنها تحريك كتل هائلة وتشويه القشرة الأرضية، إلا أن الحسابات القائمة على هذا الأساس لا يمكن استخدامها كوسيلة للتنبؤ المؤكد أيضاً.

والوسيلة الوحيدة برأيه للحماية من الزلازل هي بناء مقاوم للزلازل، مبني وفق معايير صارمة.

ملخص المقال

أثار الباحث الهولندي فرانك هوغربيتس الكثير من الجدل بتنبؤه بزلزال سوريا وتركيا المدمر، معتمداً وفق زعمه على موقع الكواكب. فهل تؤثر الكواكب على الزلازل حقاً؟
يؤيد البعض هذه الفرضية، أي أن مواقع الكواكب واصطفافها يؤثر على الزلالزل. بينما تنفيه آراء ودراسات علمية أخرى. إذ تقول أن الكواكب لا تؤثر، إنما الشمس والقمر فقط. وتأثيرها بالقوى المدية فحسب.

وهذه القوى تسهم في الزلازل التي على وشك الحدوث فقط وبنسبة ضئيلة. أما التنبؤ بالزلازل فهو غير ممكن حالياً، ولا يحمي منها سوى البناء المقاوم للزلازل.

المصادر

١٢٣٤٥